![]() |
لعنة الجبل: الفصل الرابع: الرغبة |
فهمام يستيقظ في المساء علي بكائها ونحيبها طوال الليل علي أبيه الذي لن يعود مثل الكثير من رجال تلك القرية الملعون فيها الرجال فقط.
همام أيضْاً قد تبدل حاله من حال إلي حال لم يصبح همام ذلك الفتي البريء المبتسم للحياة والذي كان يذهب إلي الكُتاب وهو سعيد يمرح مع أصدقائه طوال الطريق إلي ذلك الكُتاب بل أصبح يسير خلف أصدقائه بينه وبينهم مسافة كبيرة حزين قليل الكلام شارد الذهن حتي أثناء الدرس داخل الكُتاب لم يكن يشعر بما يجري حوله بل كان يقضي الوقت في تذكر حكاياته مع والده فهو الآن لا يرغب في العودة إلي البيت فإن عاد لن يجد والده مثل ما كان يحدث في السابق حتي أن كل زملائه ورفاقه كانوا يشعرون بالحزن له حتي الشيخ كان يرفق به ويجلسه بجواره حتي لا يجعله شارد الذهن طول الوقت.
مرت بضعة شهور عن موت أبو همام والبيت مازال في حالة الحزن تلك ولكن همام شعر بأن هنالك شيء ما يدور بين الأم والجد فالكثير من التهامس والكلام بينهم
فالأم كانت مصرة علي شيئاْ ما والجد كان يعترض عليه فكل تلك المناقشات والهمس بين الجد والأم استغرقت أكثر من شهر
ألا تريد زيارة الأقصر ياهمام؟
نظر همام إلي جده بتعجب ثم نظر إلي أمه التي بدورها ابتسمت له ابتسامة تشجيع لأن القرار السفر إلي الأقصر قراره هوا وأنه سوف يكون أول فتي يذهب مع من يذهبون إلي الأقصر من رجال القرية وهذا يدل علي أنه سوف يصبح رجلاْ مثل باقي رجال القرية فكانت إجابته سريعة وهوا يهز رأسه بالإيجاب قائلاً :
نعم يا جدي أود الذهاب إلي الأقصر مع رجال القرية
ابتسم الجد قائلاْ له :
حسناْ عندما يخبرني شيخ الُكتاب أنك اتممت حفظ ما عليك من القرآن الكريم سوف تذهب مع رجال القرية إلي الأقصر لكي تشاهدها
لم يصدق همام ما يسمعه من جده الشيخ يوسف وأن هذا لم يحدث مع أي فتي من فتيان القرية فقط هوا من سوف يذهب برفقة القافلة كأنه رجلاُ عظيم الشأن في قريتهم الصغيرة وأنه علي وشك تحقيق رغبة و أمنية كانت دائماْ يتمناها وهي رؤية الأقصر ومشاهدة كل الروايات التي كانوا يرويها رجال القرية عند عودتهم من الأقصر وكم هي مدينة رائعة وفيها الكثير من الأماكن والعجائب و السياح والأجانب والسيارات التي لم يشاهدها من قبل
اجتهد همام في دراسته بالكُتاب وشعر أنه لابد أن يفعل المستحيل لكي يرضي عنه الجد الشيخ يوسف ليسمح له بالسفر إلي الأقصر فتلك الأمنية جعلته ينسي لبعض الوقت حزنة عن موت أبية والحزن الذي يملأ قلبة ولا يريد أن يفارقه فبدأ يحكي لأصدقائه بما أخبره جده به وأنه يجب أن يجتهد ويحفظ القرآن حتي يحقق هذا الحلم
همام كان يقضي معظم وقته في تخيل ماذا سوف يحدث له من مغامرات وما سوف يشاهده في الأقصر تلك المدينة
فالأحلام لم تفارقه وتخيلاته أيضاً لم تفارقه فبلا شك أنها خطوة جديدة في حياته
بالفعل مر أكثر من شهر علي حديث جدة له حيث كان يصارع الوقت لكي ينهي الجزء الخاص بتلاوة القرآن الكريم لكي يخبر الشيخ هذا الحديث إلي جده ليسمح له بالسفر وبالفعل ذهب الجد الشيخ يوسف إلي الكُتاب ليطمئن علي همام حيث أخبره شيخ الكُتاب أنه بالفعل همام قد أنهي ما عليه من تلاوة القرآن الكريم فكانت سعادة همام بتلك الكلمات بالغة بل شعر أن قدميه أصبحت لا تلامس الأرض من شدة الفرحة داخل قلبه حتي أنه احتضن الشيخ والجد وتركهم عائداً مسرعاً إلي والدته ليبلغها بذلك وأنه سوف يذهب إلي الأقصر في
الرحلة القادمة مع رجال القرية
تمت
بقلم الكاتب الدكتور
محمد عبدالتواب
Post a Comment