لعنة الجبل: موت الجد: الفصل العشرون

لعنة الجبل: موت الجد: الفصل العشرون
 لعنة الجبل: موت الجد: الفصل العشرون

 عندما استمع همام لكل القصة وفهم ما حدث للقرية منذ أكثر من خمسين عام وكيف حدثت اللعنة وما حدث لوالد جده أخذ يفكر كثيراً في العديد من تلك الأحداث التي مرت عبر حكاية الجد وأخذ يفكر ملياً فيما يحدث معه ولكن كلما كان يظن أنه ربما قد فسر الجزء الأكبر من الرواية تظهر له الكثير من الألغاز والأسرار تجعله يريد أن يفهم ماذا حدث بعد تلك الليلة المشؤومة فليس لهم خيار آخر سوي أن يتجه إلي غرفة جده لكي يفهم المزيد ويجد إجابات لكل التساؤلات التي كانت تدور بالفعل داخل عقله فتوجه همام إلي جده لكي يسأله قائلاً :

جدي هنالك بعض الأشياء أريد بعض الإجابات عنها

ابتسم الجد رغم أنه كان يبدوا عليه شدة الإرهاق والتعب وأنه لا يستطيع أن يقاوم المرض الذي اعتلاه قائلاً :

ماذا تريد أن تفهمه يا بني؟

همام : كيف مات أبي؟

الجد : عندما حدث ما حدث في تلك الليلة وجدنا التماثيل الثلاثة في طرقات القرية بجوار دماء والدي ورفاقه فأخذنا تلك التماثيل إلي عجائز القرية ليتناقشوا فيما سوف يفعلون بها وكان قرارهم أن يحتفظوا بها في بيت كل من قام بذلك من أباءنا فكان

نصيبي ذلك التمثال الذي كان بجوار ما تبقي من والدي كنا نشعر بالخوف من تلك التماثيل لأنها كانت سبب طمع الآباء وما حدث من كوارث في تلك الليلة وكان العجائز يظنون أنها سوف تكون لعنة فقط لمن حاول أن يسرق تلك التماثيل فقط لكن منذ عشرة أعوام قررت أن أجمع التماثيل الثلاثة لتكون بحوزتي خوفاً من أن يطمع أحدهم في بيع تمثال من التمثالين الآخرين فربما يكون هذا في غير صالح القرية وتصبح اللعنة أكثر شراسة من ذي قبل أو علي الأقل يزداد حال القرية أكثر سوءاً فجمعت الثلاثة تماثيل معاً في منزلي فربما عندما نضع الثلاث تماثيل معاً يحدث شيء ما وتنتهي تلك اللعنة المشؤومة



همام : وهل حدث شيء عندما وضعتم التماثيل الثلاثة بجوار بعضهم البعض؟

الجد : لا لم يحدث شيء ولكن أباك عندما شاهد ذلك فقد ظن أن ربما حل تلك اللعنة ليست في التماثيل في حد ذاتها ربما يكون الحل هناك في أعلي الجبل

همام : وماذا فعل أبي يا جدي عندما ظن أن الحل هناك في أعلي الجبل؟

الجد : إن والدك كان طيب القلب متفائل ومبتسم في كل الأحوال حتي السيئة منها كان يظن أن الأمر بسيط وأنه عندما يصعد الجبل سوف يستطيع أن يجد الحل هناك ويعيد الأمور إلي نصابها وقد اعترضت عليه كثيراً في فكرة الذهاب والصعود إلي الجبل

همام : وهل صعد إلي الجبل؟

الجد : نعم صعد إلي الجبل ولم يهبط منه مرة أخري حاولت أن اقنع بعض شباب القرية أن يصعدوا إلي الجبل لكي يبحثوا عنه أو علي الأقل يجدوا جثته إذا كان قد مات ولكن الكل رفض ذلك ولم يكن بيدي شيء لأفعله من أجله حتي أنني ما زلت حتي الآن أشعر بالندم أنني سمحت له بالذهاب إلي الجبل

همام : وماذا عن التماثيل الثلاثة؟

أشار الجد بأصبعه نحو صندوق قديم مغلق حيث قال لهمام :

افتح يا بني هذا الصندوق ستجد التماثيل الثلاثة لتحتفظ بهم فربما أموت في أي لحظة ولا تعلم مكانهم احتفظ بهم يا بني


 لعنة الجبل: الصعود إلي الجبل: الفصل الثاني عشر


أسرع همام نحو الصندوق حيث فتح الصندوق والذي يبدو عليه أنه لم يقترب منه أحد منذ زمن طويل وعندما فتح الصندوق وجد التماثيل الثلاثة والتي كانت بنفس الحجم والطول ولكن ملامح كل تمثال تختلف عن التمثال الأخر

همام : ماذا سوف أفعل بهم يا جدي؟

الجد : لا شيء يا بني فقد احتفظ بهم لأننا كنا سبب تلك اللعنة وربما يوماً ما نستطيع أن نعيدهم مرة أخري إلي الملكة حتي ترضي عن أهل القرية التي كنا السبب في تلك اللعنة التي حلت بالقرية

بالفعل أخذ همام التماثيل الثلاثة ووضعها أمام عينيه وهو يتأملهم وينظر إليهم متسائلاً إنهم مجرد تماثيل صغيرة وهل يستحقون كل ما حدث لتلك القرية وما السر الذي يجعلهم بتلك الأهمية لتلك الملكة التي تسكن الكهف وهل كان بداخلهم قوة أو طاقة كان يريد ذلك التاجر والساحر أن يستغلهم من أجل جني الكثير من المال وكيف كان يستطيع ذلك؟

همام في كل مرة يشعر أن مجال التساؤلات يزداد وتزداد حيرته معه فالأن يعلم القصة بكاملها ومعه تماثيل الملكة خنتكاوس ولكن لا يعرف ماذا يفعل مع تلك التماثيل والسؤال الأهم الذي يدور في ذهنه ولا يجد إجابة له لماذا سمحت له خنتكاوس الصعود إلي الجبل ومعرفة كل شيء داخل هذا الكهف ولم تسمح لوالده بذلك

لم يستطع همام أن يدرك ما يبحث عنه ولكن ظن أن هنالك من الأشياء والتفاصيل مازالت غامضة بالنسبة له.



أثناء ذلك بدأ المرض يزداد علي الجد حيث أصبح لا يستطيع النهوض من مخدعه ثم ازداد المرض عليه حتي أصبح لا يستطيع التحدث وامتنع عن الطعام فلم يستطيع همام أن يفعل له شيء حتي الشيخ عثمان عندما جاء لزيارته لم يستطع أن يفعل شيء بل كانت ملامحه الحزينة تُخبر همام بأن الجد أصبح في حالة لا يرثي لها و أنه أوشك علي أن يقابل ربه الكريم في غضون أيام.

بالفعل بعد عدة أيام من عجز الجد وعدم قدرة همام أن يفعل شيء توفي الجد تاركاً

همام وحيداً مع والدته تاركاً إياه وهو يحمل إرث ضخم من المشاكل واللعنات التي أصابت تلك القرية بسبب ما فعله الجد الأكبر.

القرية كلها خرجت خلف الشيخ يوسف تبكي لفقدان هذا الرجل الذي كان يشعر الجميع أنه الجد والأب لجميع أبناء ذلك الشيخ, فالكل كان يحمل جسد الشيخ يوسف ويودعونه والدموع تملئ عيونهم حتي الرجال كانوا يبكون علي رحيله, فالقد رحل حكيم القرية ومن كان يمنحهم الأمل في الغد


لعنة الجبل: همام داخل الكهف: الفصل الثالث عشر


همام لم يستطيع فراق جده فكان يجلس بجوار قبره كل يوم يتحدث إليه كأنه مازال علي قيد الحياة, كان يشعر أنه مازال يستمع إليه ويبتسم إليه من العالم الآخر ليخبره أنه مازال بجواره وأنه علي محبته له التي كان يشعر بالأمان والطمأنينة عندما كان يحتضنه منذ طفولته, فالجد لم يكن الجد فقط بل كان الأب لهمام الذي منحه كل شيء رائع في حياته.

لم يتصور همام يوماً أنه سوف يرحل ويتركه وحيداً في تلك الدنيا وبين جدران تلك القرية المشؤومة ولكن الشيخ يوسف رحل كما رحل الكثير من قبله وأن لكل شيء نهاية, ولكن نهاية كل من نحبهم تكون قاسية في لحظاتها الأولى وتفقدنا الكثير من ملامح السعادة والأمان فيما بقي من حياتنا.

بقلم الكاتب الدكتور

محمد عبدالتواب

Labeled Posts Blogger Widget in Tab Style

Post a Comment

Previous Post Next Post