![]() |
لعنة الجبل: الجبل: الفصل الثاني والعشرون |
عاد همام إلي القرية
وما زال كلام مستر جيمس يتردد صداه داخل ذهنه الذي يفكر فيه بطريقة متواصلة حتى كاد
أن يشعر أن نهاية كل هذا الجدل والحيرة سوف تكون الجنون بل سوف يكون مثل تلك المرأة
العجوز التي تسير في طرقات القرية وتسكن في عالمها بالقرب من الجبل.
كان هنالك متسع من
الوقت أمام همام لكي يفكر مَلِيًّا فيما سوف يفعله أو يقرره فالليالي القمرية سوف تأتي
بعد أسبوعين علي الأقل ولكن المشكلة هنا كيف يخبر والدته أو يقنعها بأنه يجب عليه أن
يصعد إلي الجبل فالأم لن تسمح بذلك أَبَدًا بل ربما لن تسمح له حتى الخروج من المنزل
فاللعنة في الواقع لم تصبها ولكنها عاشت طوال حياتها في ظلال تلك اللعنة
فالأم لم تري للسعادة
طريقاً منذ بداية زواجها , فالزوج رحل دون أن يعود إليها مرة أخرى حيث تركها تعيش في
حزنها وآلامها باقي عُمرها تحتضن همام فقط حيث أصبح لها الابن والزوج والأخ , كذلك
رحيل الجد الذي كان يخفف آلامها ويجفف دموعها التي كانت تنساب على خديها فلقد رحل الجد
أَيْضًا وتركها وحيدة ولم يبق لها من حطام الدنيا سوي ابنها همام فكيف يستطيع همام
أن يخبرها بهذا القرار بأنه لا بد من أن يصعد إلي الجبل.
قضي همام الكثير من
الليالي في التفكير كيف يقنع والدته بهذا ولكنه وجد أن أفضل طريقة ألا يخبرها بشيء
حتى لا تفزع وتحاول أن تمنعه بأي وسيلة للصعود إلي الجبل
وَخَاصتَا أن بداخله
شعوراً يراوده بأن تلك الملكة لن تسمح لشيء أن يؤذيه لأنها لو أرادت ذلك لكانت فعلت
ذلك عندما صعد الجبل في أول مَرَّة
إِذَا لا مجال لتراجع
أو أن أحد يعلم بما سيفعله في الوقت القريب وبدأ همام يجهز لتلك الرحلة فهو لا يعلم
هل سيعود منها أم لا ولكن كانت والدته هي المشكلة الكبرى بالنسبة له فلو حدث له شيء
ما ماذا ستفعل من بعده حيث إن العمر قد تقدم بها وليست كما كانت مثل ذي قبل.
حانت اللحظة المهمة
في حياة همام حيث كانت تلك الليلة ليلة قمرية كما أشار عليه مستر جيمس فأعد حقيبته
بها الثلاثة تماثيل ومعه القنديل حيث خرج من المنزل بهدوء حتى لا تشعر به والدته أثناء
خروجه وبالفعل اتخذ همام طريقه نحو الجبل حيث القمر كان مُكْتَمِلاً وظل همام يتبعه
على ضوء القمر
كأنه يتبعه أَيْضًا نحو الجبل ليكون رفيقه في تلك
الرحلة الصعبة التي لا يعلم هل ما يفعله ثواب أو خطأ ولكنه كان يسير نحو الجبل بخطى
ثابتة حتى بدأ الصعود إلى الجبل فشاهد الذئاب السوداء تقف علي مسافات قريبة منه تنظر
إليه كأن شيئا ما أجبرها أن تفسح الطريق له لكي يصعد إلي الكهف.
بالفعل صعد همام حتى
وصل إلى حافة الجبل حيث أثر أن يلقي نظرة على قريته قبل أن يدخل الكهف لعلها تكون الأخيرة
وَخَاصتَاً على منزله حيث شعر أنه كان يريد أن يودع والدته لأخر مَرَّة فربما لن يعود
إليها مرة أخرى حتى أن الدموع كادت تتساقط من عينيه قبل أن يدخل الكهف ولكنه كان التردد
ما زال يسكن قلبه حتى أنه فكر للحظات أنه
يجب عليه الهبوط مرة أخرى ليرعى والدته وينسي تلك التماثيل والملكة ويرحل من تلك القرية
للأبد.
أضاء همام القنديل
ثم سار داخل الكهف حتى تخطي مدخل المعبد حتى وصل إلى تمثال خنتكاوس فسلط الضوء على
وجهها حتى يتلمس ملامحها بهدوء قبل أن يخرج التماثيل ليعيدها مرة أخرى إلى مكانها.
كان همام يتمنى بداخله
أن يكون ذلك التمثال حيا لكي يستطيع أن تشعر به ويتحدث معها ربما تمني أن يولد عندما
كانت في تلك الدنيا فربما وجدت معه قصة أخرى غير تلك القصة عندما يحدث اللقاء بينهما،
ربما تشعر به وبحنينه إليها وعاطفته التي تزداد كلما تلمس ملامحها الرقيقة.
وضع همام القنديل
على حافة الطاولة وبدأ في فتح حقيبته حيث أخرج التمثال الأول ببطء حيث وضعه على تلك
الطاولة ثم أخرج التمثال الثاني ووضعه على الطاولة بالتوازي مع التمثال الأول ثم أخرج
التمثال الأخير ووضعه بجوار التمثالين الأخريين ثم تراجع همام للخلف منتظر ماذا سوف
يحدث بعد ذلك حيث شعر بالخوف الشديد وتراجع للخلف حتى لمست يداه الحائط الذي خلفت.
مرت دقائق على همام
كأنها الدهر كله يسلط الضوء بكل اهتمام نحو التماثيل ليري ماذا سوف يحدث لهم على تلك
الطاولة.
بعد دقائق بدأت التماثيل
تتحرك ببطء كأنها تتراقص على تلك الطاولة حيث اتخذ كل تمثال مكان ووضع معين في شكل
مثلث حيث إن اتجاه التماثيل كانت للداخل فالوجوه الخاصة بالتماثيل كانت تتغير وتتشكل
كأنها تماثيل حية وليست مجرد تماثيل من الصخر.
كان قلب همام ينبض
بقوة وبشدة حيث شعر همام أن قلبه سوف يتوقف من الفزع والخوف مما يحدث أمام عينيه على
تلك الطاولة.
عندما اكتملت حركة
التماثيل لتشكل قاعدة مثلث بدأ ضوء قوي يخرج من رؤوس التماثيل لكي تتقابل مَعًا لتشكل
شكل هرمي من الضوء الساطع بقوة بلونه الأبيض الزهري كأنه مثل ضوء الشمس حيث أنار هذا
الضوء المكان كله ولم يستطع همام أن ينظر إليه من شدة الضوء.
حاول همام تغطية عينيه بيده حتى لا يصاب بالعمي وفي
تلك اللحظة بدأ الشكل الهرمي يكبر ويزداد في الاتساع حتى بدأ الضوء في الهدوء فشعر
همام أن شيء ما يخرج من بين ذلك الضوء حتى وجد أن الضوء يتشكل أمامه كأنه يجسد ذلك
التمثال الخاص بخنتكاوس حتى صارت كأنها امرأة حقيقة بالفعل رائعة الجمال تتشكل من ذلك
الضوء الأبيض الزهري حيث شرع في رسم ما يبه مجال ضوئي شديداً حولها.
Post a Comment